لقد كان إعلان النفير العام من منابر الجوامع وعبر قنوات “تلجرام”، وطلب المؤازرة من فصائل تضم جهاديين أجانب وفصائل ذات تاريخ معروف بالجرائم والانتهاكات ودخولهم إلى مدن الساحل خطأ جسيمًا أدى إلى قتل عائلات بأكملها، واقتحام المنازل بطريقة مرعبة مصحوبة بخطابات وممارسات طائفية شنيعة، أشاعت الذعر بين المدنيين وأطفالهم، وأبقت جثثًا لأيام على الطرقات، ودفعت الأهالي للهروب إلى الجبال والأحراش أو اللجوء إلى مطار “حميميم” أو الأراضي اللبنانية، وقطعت عدة مناطق من المواد الأولية، وهي ممارسات لم تُمحَ من ذاكرتنا أيام جرائم النظام البائد، وكان يفترض بالإدارة أن تتصرف بحكمة وضبط للنفس، وتخطط لتأمين ممرات آمنة لخروج المدنيين قبل أن تُدخل عناصر منضبطين مدربين كالذين شهدناهم في محافظة حلب مثلًا، خلال عملية “ردع العدوان”.
كما كان يفترض بالرئيس الشرع ألا يعترف بحصول “تجاوزات” فقط خلال كلمته التي ألقاها في 7 من آذار، بل إن المعالجات العادلة تبدأ بتسمية الأمور بمسمياتها والاعتراف بها كجرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وهو مطالب باعتذار علني من جميع الضحايا وأسرهم، بوصفه رئيسًا انتقاليًا للبلاد ومسؤولًا عن حماية الشعب، كل الشعب، وبوصف بعض مرتكبي الجرائم صوروا وبثوا فيديوهات جرائمهم عبر الإنترنت، ووثقتها منظمات سورية، فالاعتذار العلني هو شكل من أشكال جبر الضرر الرمزي، وقد فعلها رؤساء سابقون مثل رئيس سيراليون، حين قدّم في عام 2010 اعتذارًا رسميًا للنساء ضحايا النزاع المسلح، وطلب منهن الصفح باسم القوات المسلحة وتعهّد بحماية حقوقهن.
أما عن تشكيل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي في 10 من آذار، ضمت كلًا من حسن صوفان وأنس عيروط وخالد الأحمد، فالأحمد كان مستشارًا لبشار الأسد من عام 2012 إلى 2018 في ملفات سياسية ودبلوماسية وأمنية، ومن الخطأ أن يحظى بعضوية لجنة مكلفة بالتواصل مع الأهالي في الساحل السوري وتقديم الدعم بما يضمن حماية أمنهم واستقرارهم، وتعزيز الوحدة الوطنية، وهي مهام تحتاج إلى شخصيات محترمة ذات تاريخ نزيه، وكان مفترضًا أن تضم اللجنة أعضاء وعضوات من أسر الضحايا، وكان ضروريًا أيضًا أن يكون نصف أعضاء اللجنة من النساء، لقدرتهن على التواصل والاستماع إلى ناجيات ضمن مساحات مغلقة.
لقد أظهر هجوم “الفلول” على قوى الأمن العام فشلًا استخباراتيًا لدى الإدارة الانتقالية، حاولت ترميمه عبر تشكيل مجلس أمن قومي في 12 من آذار، ضم أربعة أعضاء يشغلون مناصب عليا في الإدارة الانتقالية، هم وزير الخارجية والدفاع والداخلية، بالإضافة إلى مدير الاستخبارات العامة، وكالعادة، فقد تم اختيارهم من الدائرة الضيقة لأحمد الشرع، أما المقاعد الثلاثة المتبقية فاثنان منها لاستشاريين يعينان وفقًا للكفاءة والخبرة، وهو عدد غير كافٍ للأفراد المتفرغين للعمل في المجلس قياسًا بالتحديات الأمنية، والمقعد السابع لتقني متخصص ذي صلة بمحضر الجلسة.
لمواصلة القراءة، يرجى النقر على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه.